Saturday, February 3, 2018

لا شيء يدوم للأبد ...~


عاشوا بسعادة للأبد
Happily ever after
For ever

عبارات مألوفة جدا صحيح؟ حسنا أعترف أنني أحبها كذلك، ولكن للأسف ليتها صحيحة عندما نريد لها أن تكون صحيحة، ليت فور إيفر كانت بتلك السهولة التي نتخيلها،،،

أنهيت صلاة الظهر في المستشفى في غرفة طبيبات الامتياز، نهضت و أزلت السجادة من الأرض، قمت بطيها لأعيدها إلى مكانها، أنشغلت بالحديث مع صديقاتي و أنا أعيدها فوق الثلاجة، و فجأة سمعت صوت سقوط شيء على الأرض..
رحتُ أجول ببصري فوق الأرضية بحثا عما ارتطم قبل لحظات بها، و كانت مفاجأتي أن عثرت على نظارة صديقتي، رفعتها و رحت أتفحصها، تنفست الصعداء عندما كانت بخير، و شكرت الله في سري أني لم أدهسها كونها كانت تبعد ملمترات عن قدمي اليسرى.
على كل حملها في يدي أثار في ذكريات قديمة جدا، ليست قديمة جدا جدا و لكنها تعود لأربع سنوات مضت، أخذتها و توجهت فورا نحو المرآة، ارتديتها و رحت أتأمل في منظري، لقد نسيت شكلي تماما و أنا أرتدي النظارة، رغم أنني ارتديتها لعشر سنوات منذ أن كان عمري اثني عشر عاما، لم أعرف الفتاة التي ترتدي النظارة في المرآة، كان مجرد فضول و ربما مشاعر اشتياق في داخلي لمنظري بها، ليست لدي أي صورة لي و أنا أرتديها، لذا بدا ممتعا جدا محاولة التعرف على شكلي من جديد و إنعاش ذاكرتي التي نسيت تماما الموضوع خلال الأربع سنوات السابقة.
على كل لم أكن أعلم ما يخبئ لي المستقبل، و للسخرية كان ما حصل لي تماما في نفس اليوم، بعد ساعتين فقط من ارتدائي لها.
قررت الذهاب لطبيب العيون أخيرا، صحيح أنني طبيبة و لكنني لا أطيق الذهاب إلى الأطباء أبدا أبدا و لا أطيق الذهاب للمستشفى، و لا أزال حتى الآن غير مصدقة أنني قررت زيارته بملء إرادتي كليا، منذ فترة كانت رؤيتي مشوشة بعض الشيء، أعني أنني كنت أجلس و بجانبي صديقاتي، لم أكن أستطيع تفسير كل ماهو مكتوب على لوحة العرض، و كانت الكتابات تظهر لي إن قمت بإغماض عيني قليلا كما في السابق عندما كنت لا أرتدي نظارتي و أحاول رؤية شيء ما بوضوح...
كنت أسألهن إن كانت الرؤية واضحة، و كانوا جميعا يجبنني بالإيجاب، لم أهتم كثيرا، قمت بعمل عملية تصحيح النظر ال PRK قبل أربع سنوات، و أذكر أنني قرأت أن الناس يختلفون في مدى ما يستطيعون رؤيته، كانت المسافة دون شك أكثر من 6 مترات،و عزوت ذلك إلى اختلافاتنا الفردية بين البشر، فعندما كنت أجلس على مقربة من الشاشة كانت الأمور على ما يرام...

حان دوري للطبيب، و دخلت، أخبرته بموضوع تشوش الرؤية و حكيت له عما يقلقني و عن سبب زيارتي له، تركني أجلس على الجهاز الأول ذاك الذي يحتوي على صورة ما، في الحقيقة لا أذكر الآن إن كنت رأيت صورة أبدا، كان بالي منشغلا جدا بالأمر،
أخبرني أن أذهب للكرسي الآخر، و فتح الشيء الذي لم أكن أريد له أن يفتحه، و لم أرد أن أصدق أنه قد فتحه أمامي، لقد كان
Snellen Chart !
أخذت نفسا عميقا، و رأيته يحضر النظارة الفارغة التي تتركب فيها العدسات، أخذت نفسا عميقا آخر، و كنت أردد في نفسي أنه إجراء روتيني فقط،
كنت أتحدث مع الطبيب الآخر، أخبرني أنه بالجهاز عيني اليمنى متأثرة أكثر من اليسرى، و سألني ما إن كنت لاحظت الفرق فأجبت بالنفي، و لكن مهلا!َ!
لا أصدق، هذا مستحيل، لقد قمت بعمل PRK !
أحضر الطبيب العدسات، سألني عما أراه، أخبرته أنني أرى جيدا و لكن نفس المشكلة
Blurry vision !
و كانت الصاعقة، عندما ركب العدسة، و اتضحت الصورة تماما !! في عقلي و في عيني و زالت الرؤية الغباشية
لقد كنت مصابة بضعف النظر، مرة أخرى، و مجددا !!
لولا الحياء لكنت أنفجرت بالبكاء عنده، و لكنني شددت على أعصابي، لم أكن أستطيع التصديق !
لم يستطع الطبيب فهم انزعاجي،
-         ي شهد كلها نص و ربع، إنت كنت ناقصة أربعة، دي ولا حاجة، بس ألبسي النظارة عشان لا ينقص زيادة !
You don’t get it doctor, I cant go to another same story again !
I have had enough !!

طوال الطريق قررت تناسي الموضوع، لا أذكر بما انشغلت في الطريق، و لكنني أخفيت البطاقة في حقيبتي حتى لا أضطر لرؤيتها في وجهي عندما أعود للمنزل،
و عندما عدت، لم أستطع النوم، قررت قراءة الEBM بخصوص الموضوع، لا أزال غير مقتنعة بما قاله الطبيب، لقد قمت بعمل الPRK ، لماذا كل هذا إن كنت سأعود مجددا لأكون مصابة بقصر النظر و لارتداء النظارة، و لا لا أطيق العدسات اللاصقة كذلك
قرأتها و فوجئت بأن نسبة ممن أجروها بعد سنتين تقريبا من إجراء العملية يعود لهم قصر النظر بدرجة قليلة أي مثل حالتي، قرأت عن الخيارات المطروحة و عن الموضوع ووو ....

استيقظت و في المغرب أخيرا بكيت بكاء شديدا بسببها، لا أريد أن أرتدي النظارة مجددا، و لكن ليس هذا السبب، لا أريد أن أعود إلى الصباحات التي كنت أستيقظ فيها و لا أستطيع رؤية ملامح وجهي في المرآة إلا أن اقتربت من المرآة كثيرا، لا أريد أن أنسى أين وضعت نظارتي و نضطر لعمل فريق بحثي في المنزل من شقيقاتي و أمي للبحث عنها، لم أكن أستطيع المشاركة في البحث فلا فائدة ترجى من ذلك،، لا أريد أن أعود إلى طاولة العمليات مجددا، و إلى خوفي من كوني لن أستطيع الرؤية ثانية، و لا إلى الألم الكبير الذي شعرت به و لم أكن أستطيع البكاء خوفا على عيوني منه،

بعد البكاء و تجفيف الدموع، خفت وطأة الموضوع قليلا، و صفى تفكيري من هذه الناحية، كنت أتوقع أي شيء إلا هذه الكلمة
Myopic again !
حمدا لله على الأربع سنوات الماضية، كانت جميلة، كانت نعمة لا تقدر بثمن، و رنت وقتها هذه الجملة في رأسي،
لا شيء يدوم للأبد، و لا حتى PRK !
 12 يناير 2018